تراجع وهب الأعضاء في لبنان يهدد حياة مئات المرضى.. وينشط تجارتها

سنتان ومحمد السيّد ينتظر فرصة حياة جديدة يمنحه إياها شخص أوصى بوهب أعضائه قبل وفاته. خلال هذه المدة عاش معتمدًا على جهاز أوكسجين لالتقاط أنفاسه إلى أن خرجت الأمور عن سيطرتها وبات الجهاز عاجزا عن القيام بدور رئتيه، فسلّم روحه في عزّ شبابه.. هو مصير يخشاه عدد كبير من المرضى في لبنان في ظل تراجع نسبة وهب الأعضاء.

في عام 2014 شخّص الأطباء مرض محمد بالتليّف الكيسي (اضطراب وراثي يُسبب تلفاً شديداً في الرئتين والجهاز الهضمي والأعضاء الأخرى في الجسم)، تابع العلاج المحدد له، إلى أن وصل إلى مرحلة أصبح فيها زرع الرئة أمراً لا بد منه، عندها سجّل اسمه على لائحة الانتظار لدى الهيئة الوطنية لوهب الأعضاء في العام 2019، حينها كان يبلغ ٢٠ عامًا، وتقول والدته دارين: “رغم كل الصعوبات لم ييأس، تابع تحصيله الجامعي وخطط لمستقبل جميل، لكن للأسف انهار كل شيء في لحظات، قبل ثلاثة أشهر من تخرّجه”.

بدلاً من أن تحتفل عائلة السيّد بذكرى ميلاد ابنها في السادس من يوليو، تحوّل هذا التاريخ إلى غصّة، بعدما انطفأت شمعة محمد (لاجئ فلسطيني) إلى الأبد، وبحسب ما تقول دارين لموقع “الحرة”، “لو كان في لبنان ثقافة وهب الأعضاء لما وصل ابني وغيره من المرضى إلى الموت بعد رحلة ألم طويلة، إذ لم يكن بإمكانه التنفس ولو ثانية واحدة من دون آلة الأوكسجين، وعندما كان يضطر للخروج من المنزل، كان يضع على ظهره حقيبة تحتوي على الآلة التي تسمح له بالبقاء على قيد الحياة مدة ثلاث ساعات”.

وفي ظل التقنين القاسي للكهرباء في لبنان، عملت دارين كل ما في وسعها لتأمين التيار لابنها على مدار الساعة، وتشير إلى أنه “إضافة إلى اشتراك المولد، اشتريت مولداً صغيراً وبطارية UPS، حوّلت المنزل إلى مستشفى خاص به، وانتظرت اليوم الذي يحصل فيه على رئة، إلى أن صدمت بتدهور صحته، وبعد مكوثه حوالي الشهر في المستشفى أطبق عينيه للأبد”.

لائحة تطول
رحل محمد ولا يزال 700 مريض في لبنان مسجلين على لائحة انتظار وهب الأعضاء، أكثرهم يحتاجون كما تقول المنسقة العامة للهيئة الوطنية لوهب الأعضاء، فريدة يونان، إلى كلى، من بينهم ماجد ديب (24 سنة)، الذي انضم قبل خمس سنوات إلى اللائحة علّه يتلقى الاتصال الذي يتمناه، وهو العثور على كلية مطابقة للمواصفات، لتنتهي رحلة عذابه، لكن كما يقول “كل سنة أتلقى اتصالاً لتجديد الملف بدلاً مما أتمناه”.

وقبل ثلاث سنوات انضم غسان (20 سنة)، شقيق ماجد، إلى ذات اللائحة، لتتجمد حياته هو الآخر إلى حين العثور على واهب، كون كما يقول لموقع “الحرة”، “لا يمكن لمريض الكلى متابعة دراسته أو العمل، إذ عليه الخضوع ثلاث مرات أسبوعياً لجلسات غسيل، وبعد رفع تسعيرة الجلسة إلى ثلاثين دولارا اضطررت وشقيقي وعشرة مرضى آخرين من شمال لبنان اعتدنا التوجه سوية إلى المستشفى لخفض عدد الجلسات لمرتين في الأسبوع”.

إذا كان ماجد وغسان لا يتوانيان عن تجديد ملفهما لدى الهيئة الوطنية لوهب الأعضاء، فإن صديقهما صدام صبرا توقف عن تجديد الطلب، رغم أن رحلة معاناته مع غسيل الكلى بدأت قبل 16 سنة، ويقول لموقع “الحرة” “زرع كلية تعني بالنسبة لي الحياة إلا أنني فقدت الأمل من أن أحصل يوماً على واهب ينقذني من كل هذه الآلام”.

ماجد ديب على لائحة انتظار وهب الأعضاء
ماجد ديب على لائحة انتظار وهب الأعضاء
“المعاناة كبيرة جداً” كما يصف ماجد، “فحتى شرب كمية كافية من الماء حلم لمريض الكلى، إذ لا يسمح لي بأكثر من 300 مل (0.3 لتر) يومياً، ومع خفض عدد جلسات الغسيل انخفضت الكمية المسموح شربها، كي لا يمتلئ جسمي بالماء وما يستتبع ذلك من ضيق في التنفس وعجز عن الحركة والنوم”.

ثقافة “خجولة”
عملية وهب وزرع الأعضاء “هي الحل والعلاج الوحيد لكل مريض يعاني من قصور مزمن بعضو مثل القلب والكبد والكلى والرئة” تقول يونان لموقع “الحرة”، لافتة إلى أنه “على المريض الذي يحتاج إلى إجراء عملية زرع عضو ما التواصل مع مركز زرع أعضاء وإجراء الفحوصات اللازمة وتسجيل ملفه الطبي على لائحة الانتظار إذا لم يكن لديه واهب من العائلة” مع العلم أن “عملية الوهب تتم على حساب وزارة الصحة العامة والهيئة الوطنية، أما عملية الزرع فتتم في مركز الزرع التابع له المريض على حسابه أو حساب الجهة الضامنة”.

شهد لبنان أول عملية وهب وزرع كلى من واهب متوفى عام 1990، لكن لم يصبح لديه برنامجاً وطنياً لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة يخضع لضوابط وشروط طبية وقانونية وأخلاقية قبل سنة 2009، حين أُعطيت الهيئة الوطنية مسؤولية وضع أسس برنامج وطني.

ورغم مرور كل هذه السنوات، إلا أن ثقافة وهب الأعضاء لا تزال خجولة كما تشير يونان، شارحة “وصلنا إلى نسبة مشجعة قبل عام 2020، لكن الوضع المعيشي والحالة الاقتصادية وكل الظروف التي يمر بها بلدنا لا تُعطي مناخاً جيداً لنشر هكذا ثقافة، حيث وقّع 33 ألف شخص بطاقة وهب بين عامي 2001 و2022 وهي نسبة قليلة”.

وتضيف “جائحة كورونا كانت السبب بتدني نسبة وهب الأعضاء بين 30 إلى 50% عالمياً، أما في لبنان فقد تسببت بتوقف كامل لبرنامج وهب الأعضاء من الأحياء والمتوفين لمدة 7 أشهر، في حين تسببت الأزمة الاقتصادية بفقدان عدد كبير من الأطباء والممرضات والممرضين المنسقين لوهب الأعضاء، نتيجة مغادرتهم لبنان، ما انعكس بشكل كبير على تدني عدد الواهبين المتوفين إلى واهب واحد أو اثنين في السنة. أما نسبة الوهب من الأقارب فلم تتغير إذ استمرت بين 80 إلى 100 عملية كلية سنوياً”.

كما أثرت الأزمة الاقتصادية وتراجع قيمة العملة الوطنية على ميزانية الهيئة، حيث أصبحت بحسب وصف يونان “من دون قيمة ولا تسمح لنا القيام بكل الأعمال والنشاطات التي كنا نقوم بها في السابق”.

للحصول على بطاقة وهب يجب “ملء الاستمارة على الموقع الالكتروني للهيئة وتحديد مكان استلامها من أي فرع من مكتبة مالك، والأهم إعلام العائلة برغبة الشخص، أما توزيع الأعضاء فيتم من خلال الهيئة الوطنية استناداً على معايير طبية للمرضى المسجلين في لائحة الانتظار”.

الصحافية ريف سليمان واحدة من الذين سجلوا أسماءهم لوهب أعضائهم، دفعتها إلى ذلك أمور عدة، منها كما تقول “رغبتي في أن تكون وفاتي بداية فرصة حياة جديدة لمرضى يعانون نتيجة حاجتهم إلى عضو ما، إضافة إلى أنه لدينا مشكلة جينية في العائلة تتعلق بضعف عضلة القلب، ما يثير مخاوفي من إصابة أي من أبنائي الثلاثة بذات المرض، والسنة الماضية حسمت قراري بعد متابعة حالة طفلة صديقة لي على فيسبوك بحاجة إلى زرع قلب، دفعت روحها لعدم توّفر واهب”.

سليمان تشدد على أن “وهب الأعضاء، عطاء وليس منّة، وهو يجسد الرأفة والرحمة وحب الخير للغير، فالعلاقات بين البشر يجب أن تبنى على الإنسانية لا الأنانية”، مضيفة “ما حاجة الميت لأعضائه التي ستفنى بعد فترة من مغادرة الروح لجسده، لذلك أقل أنواع العطاءات أن نقدّم ما لسنا بحاجة إليه يوماً ما، وكيف إن كان ذلك يساهم باستمرار الانسانية”.

كلى “للبيع”!
اتساع رقعة الفقر في لبنان، دفع العديد من السكّان كما يقول رئيس جمعية “نحنا الدوا”، ريتشارد زغيب إلى عرض كليتهم للبيع، شارحاً في حديث لموقع “الحرة” أنه “لا يكاد يمر يوم من دون أن تتلقى جمعيتنا اتصالاً من أحد الراغبين ببيع كليته، بسعر يتراوح بين عشرة وثلاثين ألف دولار”.

ويشدد “إذا كان حصول مثل هذه العمليات المخالفة للقانون أمر ممكن في السابق إلا أنه مع تأسيس الهيئة الوطنية لوهب الأعضاء وتأليف لجنة تحقيق من أطباء وقضاة للتأكد من عدم حصول الواهب على المال، حتى لو كان من عائلة المريض، جعل من مخالفة القانون أمر مستحيل، وقد سبق أن خضعت للتحقيق وشقيقتي من قبل هذه اللجنة حين قررت التبرع بكليتها لي عام 2015”.

كلام زغيب أكدته يونان حين سئلت فيما إن زادت الأزمة الاقتصادية من عمليات بيع الأعضاء، بالقول “لا يوجد مطلقاً أي عمليات خارجة عن القانون، فبيع الأعضاء ممنوع منعا باتاً، ويعرض المريض والواهب ومركز الزرع للملاحقة القانونية، والهيئة الوطنية هي المسؤولة عن مراقبة كل عمليات وهب وزرع الأعضاء التي تجري على الأراضي اللبنانية”.

“وهب الأعضاء والأنسجة من الأحياء والمتوفين مسموح منذ سنة 1983، وكل الأديان تشجع الوهب” تقول يونان، مضيف “ينظم القانون اللبناني عملية وهب وزرع الأعضاء، ويحدد الضوابط والعقوبات ضد المخالفين، لاسيما المرسوم 109/1983 وقانون الآداب الطبية 240/2012 – المادة 30 منه والقرارات الوزارية”.

وفيما يتعلق بالوهب بعد الوفاة، تشرح يونان “يجب أن يُعبّر الشخص عن رغبته في حياته وأن يُعلم عائلته بذلك، لأنه بعد حصول الوفاة، من مسؤولية الهيئة الوطنية أخذ موافقة العائلة الخطية أي توقيع المسؤول المباشر من القرابة – الدرجة الأولى مع شاهد من العائلة، إذا وجدت بطاقة تبرع أو لم توجد. في كل الحالات القانون اللبناني يعطي العائلة حق القبول بالوهب أو المعارضة عليه”.

أما الوهب من الأحياء، فإن “القانون اللبناني يسمح بالوهب من الأقارب حتى الدرجة الرابعة أما كل من يتخطى هذه الدرجة يصبح واهب غير قريب” تقول يونان، مضيفة “من الشروط والضوابط التي تحمي برنامج الوهب والزرع من الأحياء “تقييم طبي شامل لكل من المريض المتلقي والواهب، و تقييم نفسي يؤكد أن المريض والواهب لا يعانيان من أي اضطراب عقلي أو نفسي يَمنع الوهب وأنهما قد استوعبا استيعاباً كاملاً المخاطر والمضاعفات التي قد تَنتج عن عملية الوهب والزرع وأن الوهب يتم دون أي ضغط نفسي أو مادي وأنهما قد وقعا استمارة الموافقة المستنيرة مع الطبيب المعالج والجراح”.

كذلك لا بد “من تأمين كل الأوراق الثبوتية الأصلية على ألا تتخطى 3 أشهر لإثبات صلة القرابة وأنهما من نفس الجنسية. أي من لبناني الى لبناني وكذلك بالنسبة للجنسيات الأخرى، مثلا من عراقي الى عراقي، يُدرَس كامل الملف الطبي للمريض والواهب من قبل لجنة الأخلاقيات بعد مقابلة كل من المريض المتلقي والواهب على انفراد للتأكد من عدم وجود أي مانع أخلاقي للوهب أو ضغط مادي أو معنوي”.

تدقق الهيئة الوطنية في الملف وتتأكد من استيفائه الشروط القانونية لإتمام عملية الزرع، وترسل كتاباً الى وزير الصحة العامة الذي يصدر قراراً بالموافقة أو عدم الموافقة على إجراء عملية الزرع مهما كانت الجهة الضامنة للمريض المتلقي والواهب وحتى إذا كانت العملية على حساب المريض الخاص أو إذا كان المريض غير لبناني.

وسبق أن أشارت الهيئة عبر صفحتها على “فايسبوك” في شهر أبريل الماضي، إلى تقدّم سيّدة بطلب زرع كلية من واهب حيّ غير قريب ليتبين أنها لا تراعي ما جاء في المادة 30 من قانون الآداب الطبية رقم 240، تاريخ 22 أكتوبر 2012 والتي تنص على أنه “تُمنع المتاجرة بالأعضاء البشرية منعًا باتاً”.

وأوضحت الهيئة أنها واكبت السيّدة في ملفها بكافة مراحله وصولاً إلى نهار إجراء العملية حيث صرّح الواهب أنه لم يتقاض الثمن المادي الموعود به منها سراً مما استدعى توقيف العملية فوراً كونها لا تراعي ما ورد في المادة 30 أعلاه، وعمدت نقابة أطباء لبنان في بيروت إلى تقديم شكوى من جراء ذلك وسلكت مسارها القانوني.

معاناة مستمرة
يطول انتظار المريض سنوات وقد يفارق الحياة قبل الخضوع لعملية زرع، إذ كما يقول زغيب “يجب أن يتوفى المتبرّع دماغياً وليس كلياً، وأن يمتلك المواصفات المطلوبة طبياً والتي تتطابق مع المريض المحتاج للعضو، فأنا على سبيل المثال انتظرت عشر سنوات إلى أن كان خلاصي على يد شقيقتي”، وعن ذلك تشرح يونان “في حالة الواهبين المتوفين بسبب توقف كامل وظائف الدماغ نستطيع إنعاش وظيفة الأعضاء لوهبها للمرضى المحتاجين بعد موافقة عائلة الواهب المتوفى”.

وتشدد “ليس هناك تشويه للمتوفي لأن العملية تجرى في غرفة العمليات وتشبه عملية القلب المفتوح، والهيئة الوطنية هي المسؤولة عن مراقبة عملية استئصال الأعضاء وحرمة الواهب وشكله الخارجي”.

وعن الأعضاء والأنسجة التي يمكن وهبها وزرعها، تشرح “عالمياً الأعضاء التي يمكن وهبها وزرعها هي القلب، الكلى، الكبد، الرئة، البنكرياس والأمعاء الدقيقة، أما في لبنان فتقتصر على القلب، الرئة، الكلى والكبد” وفيما يتعلق بالأنسجة فإنها تشمل عالمياً “القرنية، الجلد، العظم، الشرايين، الأوتار، صمامات القلب، وفي لبنان تقتصر على القرنية”.

تحفظ الأعضاء الموهوبة “بسائل خاص للمحافظة على العضو لفترة قصيرة بين الاستئصال والزرع” وتشير يونان إلى أن “الأمصال مكلفة جداً، وفي الوضع الحالي نجد صعوبة في تأمينها”.

عثور المريض على واهب لا يعني وصوله إلى المحطة الأخيرة من رحلة آلامه، ففاطمة ديب (30 سنة)، خضعت لعملية زرع كلية وهبتها إياها والدتها في العام 2017، وذلك بعد 17 سنة من خضوعها لجلسات غسيل، إلا أنها لا تزال تعاني من عدم قدرة عائلتها على شراء أدويتها، وبحسب ماجد “منذ الأزمة الاقتصادية توقفت وزارة الصحة عن تأمين الأدوية التي تحتاجها شقيقتي والتي يصل سعرها شهرياً إلى 180 دولار، في حين أوضاعنا المادية مزرية، وإذا لم نجد متبرع لها بالمبلغ لا تتناوله وسط خشيتنا من عودة وضعها الصحي إلى نقطة الصفر”.

بعد عملية الزرع، على المريض أن يأخذ دواء طيلة حياته بانتظام، كي يبقي مناعته بحسب زغيب “بالمستوى المطلوب، ليتعرّف الجسم على العضو الغريب ولا يرفضه، لكن المشكلة أن قسم من هذه الأدوية مفقود من الصيدليات منذ ما يزيد عن السنة لعدم رفع السلطة الدعم عنها” ويشرح “أتناول 15 حبة دواء يومياً، فأدنى كمية يحتاجها مريض الكلى تتراوح بين خمسة إلى ستة أنواع، لا يقل سعرها عن 500 دولار شهرياً”.

الاستسلام للموت
يبلغ عدد مرضى الكلى في لبنان 3500 شخص، ألف منهم تمكّنوا من زرع كلية، ما يعني أن هناك 2500 مريض لا يزالون يخضعون لجلسات غسيل، والطامة الكبرى تكمن بحسب زغيب “في كلفة عمليات الزرع، فحتى لو تأمّن الواهب قد لا تتوفر الأموال لدى المريض لإجراء العملية، لاسيما بعد أن ضاعفت المستشفيات الفواتير لما يزيد عن الثلاثة أضعاف، وعلى سبيل المثال تتراوح عملية زرع الكلية بين 30 و40 ألف دولار”.

سبعة عشر شخصاً ممن يعرفهم زغيب لفظوا أنفاسهم الأخيرة منذ الأزمة الاقتصادية “لعجزهم عن تأمين دوائهم أو ثمن جلسات العلاج التي وصلت إلى 20 دولار عن كل جلسة، رغم أن القانون ينص على أنها مجانية”، مضيفاً “قبل ثلاثة أسابيع أطبق مريض كلى عينيه للأبد بعد أن فقد القدرة على تحمّل مشاهدة معاناة أبنائه وهم يحاولون تأمين ثمن جلسات علاجه، فتوقف عن الذهاب إلى المستشفى وشراء الدواء من دون اطلاعهم على ذلك”.

حياة المرضى مهددة، لاسيما كما تقول يونان أولئك “المحتاجين إلى قلب، كبد ورئة، وقد فقد عدد منهم حياتهم نتيجة عدم توفر متبرع، وهذه المشكلة تحصل في كل دول العالم”.

أحد الأشخاص تبرّع لماجد والمجموعة التي يقصد وإياها المستشفى بمبلغ جلسات الغسيل لعدة أشهر، أما الأدوية التي عليه تناولها وشقيقه في المنزل فلا يعلم أي من الخيّرين سيتبرع بها كل شهر، هذه المعاناة دفعت جمعية “نحنا الدوا” إلى رفع الصوت لتأمين أدوية مرضى غسيل الكلى من دون أن تلقى آذاناً صاغية من أحد” ويشدد زغيب “نلمس تواطؤاً رسمياً من قبل الجهات المعنية لبيع الدواء في السوق السوداء”.

المطلوب لتسريع حصول المرضى المسجلين على لائحة الانتظار فرصة جديدة للحياة، تبني السلطة بحسب يونان “لبرنامج وهب وزرع الأعضاء، إضافة إلى تحديد ميزانية ملائمة لتفعيل البرنامج وتأمين استمراريته، وتأمين الأمصال الحافظة والأدوية المثبطة للمناعة، وبالتأكيد تعاون إيجابي من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وتخلي الإعلاميين وطلاب الاعلام عن السبق الصحفي في قضية وهب الأعضاء”.

الوضع مزر جداً، كما يصف زغيب “المرضى يموتون، ولا أحد من المسؤولين يولي الأمر أي أهمية، رغم أن المبلغ المطلوب لغسيل وأدوية الكلى لا يكلّف السلطة أكثر من مليون دولار شهرياً، في وقت تفرض المستشفيات التسعيرة التي تريد من دون مبالاة بقرارات وزارة الصحة” ويشدد “باختصار وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها ثمن التابوت أرخص من الدواء”.