البرلمان الأوروبيّ واللاجئون السوريون

لم تتجاوز ردود الفعل اللبنانيّة على القرار المتخذ بأغلبية ساحقة من البرلمان الأوروبي بإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، حدود تغريدات على تويتر أو بيانات مندّدة صادرة عن بعض النواب والشخصيات السياسية، بينما الأمر بحجم إعلان انتداب استعماريّ على لبنان، وانتهاك صارخ للسيادة اللبنانية، وانخراط واضح في مخطط عدائي ضد لبنان وسورية معاً، يهدف لتغيير التركيبة السكانية للبلدين، واتخاذ اقتصادهما رهينة للعبث السياسي من بوابة ملف اللاجئين.
القضية بحجم يستحقّ جلسة حكومية مخصّصة لبحث الموضوع، وجلسة نيابية استثنائية، واتخاذ قرارات بحجم تشكيل وفود برلمانية وحكومية للاحتجاج على القرار، وإصدار بيانات قوية اللهجة تفضح خلفيات القرار وطابعه الاستعماري والعنصري معاً، والتوجّه الى المحاكم الأوروبية وإلى مجلس الأمن الدولي بشكاوى واضحة بوجه البرلمان الأوروبي كمؤسسة ونوابه الذين ساندوا القرار كأفراد.
إذا كانت الخلفية الاستعمارية واضحة في مبدأ إصدار قرار يخصّ بلدين آخرين، غير ممثلين في البرلمان الأوروبي، بصورة معاكسة لمشيئتهما، بما يمثل انتهاكاً صارخاً لمبدأ حق السيادة للدول، فإن الخلفية العنصرية واضحة أيضاً، لأن البرلمان الأوروبي والحكومات الأوروبية، على توافق برفض استقبال هؤلاء النازحين في الدول الأوروبية، بداعي عدم وجود قدرة على الاستيعاب، بينما بنظر هؤلاء فإن البلد الصغير لبنان قادر على الاستيعاب ويصبح عنصرياً إذا أعلن خلاف ذلك.
فوق كل ذلك عندما تكون صيغة العودة المتفق عليها بين لبنان وسورية تقوم على مبدأ إعداد لوائح للراغبين بالعودة من لبنان، وتدقيقها من المؤسسات السورية لإعطاء الموافقة على الذين لا ملفات تحول دون تعرّضهم للملاحقة في حال عودتهم، ومن ثم الطلب اللبناني والسوري من الجهات المانحة ومنها الجهات الأوروبية نقل مساهمتها لصالح هؤلاء إلى أماكن إقامتهم في سورية بعد العودة، ومواصلة متابعة أوضاعهم، بما في ذلك الحق بالمراجعة وطلب المعلومات وملاحقة نتائج أي معلومات تقول بتعرّض أي منهم للملاحقة، ويرفض الأوروبيون التجاوب، فذلك لأن هناك نيات مبيتة لإبقاء النازحين في لبنان، وقد سبق وكان العنوان هو دمجهم ومنحهم الجنسية اللبنانية.
من غير المقبول أن لا يلقى أصحاب هذا القرار الخطير الرد الذي يستحقونه.